فَقَالَ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ج يَدْعُو بِهِنَّ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ. قَالَ عَبَّاسٌ فِيهِ وَتَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ تُعِيدُهَا ثَلاَثًا حِينَ تُصْبِحُ وَثَلاَثًا حِينَ تُمْسِى فَتَدْعُو بِهِنَّ فَأُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ج «دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلاَ تَكِلْنِى إِلَى نَفْسِى طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِى شَأْنِى كُلَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ»؛ لأن إسناده ضعيف، وينظر في تخريجه: مسند أبي داود الطيالسي 2/200 ح (909، 910)، والله أعلم.
♦ ﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا * رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ﴾ [المزمل: 8، 9].
[١٩] صور من التوكل على الله توكل النَّبي -عليه الصلاة والسلام- عندما هاجر من مكة المكرمة إلى المدينةِ المنورة ، وكانت قريش تتبع أثر الرسول وصاحبه أبي بكر. قال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه: (أنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ حدَّثه قال: نظرتُ إلى أقدامِ المشركين على رؤوسِنا ونحن في الغارِ. فقلتُ: يا رسولَ اللهِ! لو أنَّ أحدَهم نظر إلى قدمَيه أبصَرَنا تحت قدمَيه. فقال: يا أبا بكرٍ، ما ظنُّك باثنَين اللهُ ثالثُهما) ، [٢٠] وفي ذلك يقول تعالى: (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). [٢١] توكُل نوح عليه السلام عندما دعا قومه لعبادة الله وحده، فكذّبوه. قال تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ).
♦ ﴿ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [يوسف: 67]. ♦ ﴿ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ﴾ [الرعد: 30]. ♦ ﴿ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [إبراهيم: 11، 12]. ♦ ﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [النحل: 41، 42].
♦ ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [الزمر: 36 - 38]. ♦ ﴿ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 44، 45]. ♦ ﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [الشورى: 10]. ♦ ﴿ فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الشورى: 36].
كما يَسوق للطيور أرزاقها، بمجردِ الغدو والرواح وهو سعيٌ للرزقِ يسير، ولذلك على المسلم أن يتذكر أموراً ثلاث، وهي: ليس هناك تعارضٌ بين التوكّلِ والأخذ بالأسباب. يجب على المسلم الأخذ بالأسباب، وإن كانت في نظرهِ ضعيفة في نفسها أو ليس لها تأثيرٌ، فهذه السيدة مريم عندما أراد الله سبحانه أن يُطعمها، أمرها سبحانه بهزِ جذعِ النخلةِ، فأخذت بالأسبابِ رغم ضعفها، روى معاذ بن جبل فقال: (كنتُ ردفَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على حمارٍ يقال له عفيرٌ، فقال: يا معاذُ، هل تدري حقَّ اللهِ على عبادِه، وما حقُّ العبادِ على اللهِ. قلت: اللهُ ورسولهُ أعلمُ، قال: فإنَّ حقَّ اللهِ على عباده أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئًا، وحقُّ العبادِ على اللهِ أن لا يعذبَ من لا يشرك به شيئًا. فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أفلا أبشر به الناسَ؟ قال: لا تبشِّرهم فيتَّكلوا). [١٢] عدم الاعتماد بشكلٍ أساسي وقاطعٍ على الأسباب فقط، وإنَّما يعتمدُ المسلمُ في البداية والنهاية على الله سبحانه، مع أخذهِ بالأسباب، فالله يُقدّر الأمور بأسبابها. يتحقق التوكل بمعرفةِ المسلم أنَّ بتوكلهِ هذا ينالُ رضا الله سبحانه ومحبته، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) ، [١٣] ويُجازى المتوكل بالجنة، والتي هي أسمى أماني المؤمن، قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ*الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).
[١٤] يتحقق التوكل بشعور العبد بضعفهِ، وفقرهِ، وحاجته لله سبحانه وتعالى، فمهما بلغ من أسباب القوة يبقى ضعيفاً، ويحتاج إعانة الله له في أمور حياته، وفي التغلب على مصائبهِ، وكروبهِ، قال تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا). [١٥] التوكل على الله يجلب الرزق التوكل على الله يجلب للمسلم الرزق الكثير، فهو يعلم أنَّه لا يضرُّ ولا ينفعُ إلا الله سبحانه، ولا يُعطي ولا يَمنع إلا الله سبحانه، فيتوكل عليه، ويأخذ بالأسبابِ التي تُعينه على ذلك. [١٦] عن عمر بن الخطاب عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لو أنكم تتوكّلونَ على اللهِ حقَّ توكلهِ، لرزقكُم كما يرزقُ الطيرُ، تغدُو خماصًا، وتروحُ بطانا) ، [١٧] يُعتبر هذا الحديث الشريف أصلاً في التوكل، وهو من أعظم الأسباب في جلب الرزق ، وفي حديث عبد الله ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: (من سرَّه أنْ يكونَ أقوى الناسِ فلْيتوكلْ على اللهِ). [١٨] فلو أنَّ العبد حقق التقوى والتوكل ، وأخذ بالأسبابِ، في كل شأنه، فإن أمور حياته الدنيا والآخرة تتحقق بسهولةٍ ويُسرٍ له، فكم من عبدٍ فوّض أمره لله كفاه الله ما أهمه. [١] قال الله عز وجل: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ).
↑ سورة البقرة، آية: 197. ↑ سورة التوبة، آية: 51. ↑ سورة النساء، آية: 71. ↑ سورة الأنفال، آية: 60. ↑ سورة الجمعة، آية: 10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 2856، خلاصة حكم المحدث: صحيح. ↑ سورة آل عمران، آية: 159. ↑ سورة العنكبوت، آية: 58-59. ↑ سورة النساء، آية: 81. ↑ أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي ( 1387 هـ)، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد ، المغرب: وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية، صفحة 272، جزء 21. ↑ رواه البغوي، في شرح السنة، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 7/328، خلاصة حكم المحدث: حسن. ↑ رواه محمد جار الله الصعدي، في النوافح العطرة، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 384، خلاصة حكم المحدث: حسن. ↑ سورة الطلاق، آية: 2-3. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم: 2381، خلاصة حكم المحدث: صحيح. ↑ سورة التوبة، آية: 40. ↑ سورة يونس، آية: 71. ↑ سورة آل عمران، آية: 173-174.