التحليل السياسي للرد: • اعترف قيصر في رسالته بعلو مكانة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - عليه وعلى ملكه، وأبدى ذلك من خلال ابتداء رسالته باسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قبل اسمه هو، وهذه الخصلة موروثة بالنسبة له لأن بني إسرائيل كانت تسوسهم أنبياؤهم. • إن قيصر أجاب بغاية الوضوح باعترافه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستخدم اسم ( أحمد) الذي بشرهم به عيسى عليه السلام، وفي ذلك دلالة على عمق الإيمان بالموضوع وقراءته للإنجيل من قبل، ومعرفته للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - حق المعرفة. • رغم شهادته بأن محمد رسول الله إلا أنه فضل ملكه على اتباع محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذه مشكلة يعاني منها معظم الخائضين في مجال السياسة، حيث لا يكون في الغالب الأمر من أجل قضية، فحين تتقاطع القضية مع مصالحه الشخصية، يتمرد ويفضل نفسه ومكتسباتها. • بالنظر للصراحة التي جاءت في الكتاب، وأن قيصر في الأصل كان يماشي رجاله ويخافهم، فليس من المعقول أنه كتب الكتاب أمامهم، فربما أنه كتب الكتاب بعيداً عنهم، وبعثه للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - سراً. على هامش رد قيصر: عندما وصلت رسالة رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى قيصر، كان أبو سفيان بن حرب في رحلة تجارية إلى الشام مع مجموعة من تجار قريش، ( ولمّا يسلم بعد)، فرأى القيصر أنه من المناسب أن يسمع منهم لأنهم من قوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأحب أن يسألهم بعض الأسئلة من أجل أن تكون الصورة أكثر وضوحاً عنده، فدار بينهما حواراً عجيباً نورده بنصه كما رواه الإمام البخاري من حديث أبي سفيان رضي الله عنه: "أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش، وكانوا تجاراً بالشأم في المدة التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماد [4] فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأتوه وهم بإيلياء، فدعاهم في مجلسه، وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا بترجمانه، فقال: • أيكم أقرب نسباً بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: • فقلت أنا أقربهم نسباً، فقال: أدنوه مني، وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه: • قل لهم إني سائل هذا عن هذا الرجل، فإن كذبني فكذبوه، فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذباً لكذبت عنه ( هذا كلام أبي سفيان)، ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: • كيف نسبه فيكم؟ قلت: • هو فينا ذو نسب، قال: • فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ قلت: • لا.
[4] ماد: جعل بينهم وبينه مدة من الصلح والهدنة وهو صلح الحديبية. [5] صحيح البخاري - باب بدء الوحي.
• عالجت الرسالة ضمن الآية القضية التي أخطأ فيها قوم هرقل واتباعه باتخاذ ( الأرباب من دون الله)، وإن أحبارهم ورهبانهم هم الذين يستعبدون الناس، وإنما جاء الإسلام لمعالجة الأمر أيضاً، فلا رب إلا الله سبحانه وتعالى. • أشارت الرسالة إلى الأريسيين، وهم أما أن يكونوا بسطاء الروم وضعفاءهم ومزارعيهم، فيكون القصد في أن رئاسة الناس أمانة في عنق حاكمهم، فإن أظلهم فسيبوء بذنوبهم، لأن الناس على دين ملوكهم، وأما أن يكون الأريسيون هم من على عقيدة أريوس ذلك الرجل المصري النصراني الذي دعا إلى توحيد الخالق جل جلاله وأن المسيح ليس ابن الله، وأصبح له اتباع كثيرون، فهنا يكون مراد الرسالة أن الكثير من الروم تدعوهم فطرتهم لأن يكونوا موحدين لله جل جلاله، وإن هرقل قد أفسد عقيدتهم التي هي أقرب ما يكون لما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم. • عموماً فإن الرسالة فيها الحسم والوضوح في طرح أكثر من قضية بشكل مباشر وصريح، ولم تكن لهجتها شديدة أو عنيفة، بل انطوت على الكثير من الرقة واللطف والدلائل الواضحة المقترنة مع قوة الموقف. رد قيصر عظيم الروم: • " إلى أحمد رسول الله الذي بشر به عيسى؛ من قيصر ملك الروم، إنه جاءني كتابك مع رسولك، وإني أشهد أنك رسول الله، نجدك عندنا في الإنجيل، بشرنا بك عيسى بن مريم، وإني دعوت الروم إلى أن يؤمنوا بك فأبوا، ولو أطاعوني لكان خيراً لهم، ولوددت أني عندك فأخدمك وأغسل قدميك" [3].
آخر تحديث: الأحد 17 شعبان 1438 هـ - 14 مايو 2017 KSA 13:31 - GMT 10:31 تارخ النشر: الأحد 17 شعبان 1438 هـ - 14 مايو 2017 KSA 23:00 - GMT 20:00 لم يدخر الرسول الكريم محمد جهداً في نشر #الإسلام ، وقد عبّر عن ذلك بإرساله عددا من الرسائل إلى #ملوك و #أمراء العالم المعاصر خارج الجزيرة العربية، يدعوهم فيها إلى الإسلام، فكانت هذه الكتب وسيلة دعوية هامة، لإعلام الناس وإبلاغهم بدعوة الإسلام، وقد كان بعضهم يجهلها مثل كسرى، وبعضهم ينتظرها مثل قيصر. التحول السلمي بين #قريش و #المسلمين في العام السادس للهجرة استغله الرسول الكريم في التفرغ لعالمية الإسلام. فكتب للمقوقس حاكم مصر: "بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعوة الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون". وحمل الرسالة حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس، وتقول الرواية التاريخية إن المقوقس لما قرأ الرسالة قال لحاطب: ما منع صاحبك إن كان نبياً أن يدعو على من أخرجوه من بلده فيسلط الله عليهم السوء.
فقال حاطب له: "وما منع عيسى أن يدعو على أولئك الذين تآمروا عليه ليقتلوه فيسلط الله عليهم ما يستحقون؟ فقال المقوقس أنت حكيم وجئت من عند حكيم". كما كتب الرسول الكريم إلى النجاشي في الحبشة، وهرقل عظيم الروم، وكسرى ملك فارس، والمنذر بن ساوى أمير البحرين، وهوذه الحنفي أمير اليمامة، وملك عمان والحارث الحميري حاكم اليمن والحارث الغساني أمير الغساسنة. وشهدت الرسائل النبوية إلى الملوك والأمراء أسماء مناصبهم وألقابهم التي تمثلت بالدعوة إلى الإسلام ليختمها "إن أثم تابعيك يقع عليك". وأشارت الروايات التاريخية إلى أن كسرى عظيم فارس قد مزق رسالة #النبي_محمد بعد أن قال "عبد عقير من رعيتي يكتب اسمه قبلي"، ولما بلغ ذلك رسول الله قال: "مزق الله ملكه"، وكان كما قال، فقد مات كسرى بعد فترة من الزمن وتمزق ملكه. ويحتفظ متحف اسطنبول ببعض هذه الرسائل التي بعثها #الرسول الكريم إلى بعض الملوك والأمراء فيما يحتفظ معرض الرسول الكريم في المدينة المنورة بنسخ طبق الأصل لهذه الرسائل.
قال: • فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: • لا، قال: • فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقلت: • بل ضعفاؤهم. قال: • أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: • بل يزيدون. قال: • فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: • لا. قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: • فهل يغدر؟ قلت: • لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها، قال( أبو سفيان): ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئاً غير هذه الكلمة، قال: • فهل قاتلتموه؟ قلت: • نعم. قال: • فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: • الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا وننال منه. قال: • ماذا يأمركم؟ قلت: • يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئاً، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والزكاة والصدق والعفاف والصلة. • فقال للترجمان: قل له: ( هنا بدأ هرقل يحلل أجوبة أبي سفيان). • سألتك عن نسبه، فذكرت أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها. • وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول، فذكرت أن لا، فقلت: لو كان أحد قال هذا القول قبله، لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله. • وسألتك هل كان من آبائه من ملك، فذكرت أن لا، قلت فلو كان من آبائه من ملك، قلت رجل يطلب ملك أبيه. • وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال، فذكرت أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله.